فصل: قال الخطيب الإسكافي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم 62} وقرأ حمزة والكسائي وحفص {وقال لفتيانه} بالألف مثل جار وجيران وتاج وتيجان والفتيان للكثير من العدد وحجتهم قوله اجعلوا بضاعتهم في رحالهم فكما أن الرحال للعدد الكثير فكذلك المتولون ذلك لأن الجمع القليل أرحل ويقوي هذه قول النبي صلى الله عليه وسلم وقد مر بقوم يربعون حجرا فقال: «فتيان الله أشد من هؤلاء».
وقرأ الباقون {لفتيته} جمع فتى في العدد القليل مثل أخ وإخوة وقاع وقيعة وحجتهم قوله جل وعز إذ أوى الفتية إلى الكهف وقوله إنهم فتية آمنوا بربهم فردوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه قال الكسائي هما لغتان مثل إخوان وإخوة وصبيان وصبية وغلمان وغلمة.
{منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحفظون 63}
قرأ حمزة والكسائي {أخانا يكتل} بالياء أي أخونا يكتال قال الفراء من قال يكتل بالياء قال يصيبه كيل لنفسه فجعل الفعل له خاصة لأنهم يزدادون بحضوره كيل بعير وحجتهما أنه قرب من الفعل فأسند إليه وقرأ الباقون {نكتل} بالنون وحجتهم قوله منع منا الكيل أي لغيبة أخينا فأرسله معنا نكتل ما منعنا لغيبته فإذا كان معنا اكتلنا نحن وهو والنون أولى وذلك أنا إذا قرأنا {نكتل} بالنون جاز أن يكون أخوهم داخلا معهم وإذا كان يكتل بالياء لم يدخلهم في هذه الجملة.
{فالله خير حفظا وهو أرحم الراحمين ونحفظ أخانا 64 و65}.
قرأ حمزة والكسائي وحفص فالله خير حافظا بالألف وحجتهم قوله جل وعز حكاية عن إخوة يوسف: {وإنا له لحافظون 12} فقال يعقوب حين قالوا {وإنا له لحافظون} {فالله خير حافظا} وأخرى وهي أن في حرف عبد الله بن مسعود {فالله خير الحافظين} جمع حافظ، وقرأ الباقون {فالله خير حفظا} وحجتهم قوله {ونحفظ أخانا} فلما أضافوا إلى أنفسهم قال يعقوب فالله خير حفظا من حفظكم الذي نسبتموه إلى أنفسكم قال الفراء حفظا تجعل ما بعد خير مصدرا وتنصب على التفسير وتضمر بعد خير اسم المخاطبين فكأن تقديره فالله خيركم حفظا ويجرى مجرى قولك فلان أحسن وجها تريد أحسن الناس وجها ثم تحذف القوم فكذلك خيركم حفظا ثم تحذف الكاف والميم قال الزجاج حفظا منصوب على التمييز وحافظا منصوب على الحال ويجوز أن يكون حافظا على التمييز أيضا.
{نرفع درجات من نشاء 76} قرأ أهل الكوفة {نرفع درجات من نشاء} بالتنوين المعنى نرفع من نشاء درجات وقرأ الباقون {درجات} بغير تنوين وقد بينت الحجة في سورة الأنعام.
{قالوا أئنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين 90}.
قرأ ابن كثير وورش {قالوا إنك لأنت يوسف} بكسر الألف على الخبر كا تقول إنك في الدار وقرأ نافع وأبو عمرو {قالوا آنك} بالاستفهام بهمزة مطولة وحجتهم قوله {أنا يوسف} فإنما أجابهم عما استفهموا عنه الأصل {أإنك} بهمزتين ثم أدخلوا بينهما ألفا ليبعد المثل عن المثل ثم لينوا الثانية فصارت آنك بهمزة واحدة مطولة وقرأ القاضي عن قالون {أنك} بهمزة واحدة من غير مد وإنما لين الثانية ولم يدخل بينهما ألفا كما فعل من تقدم ذكره وقرأ أهل الشام والكوفة {أءنك} بهمزتين على الأصل وقد ذكرت الحجة في سورة البقرة.
قرأ ابن كثير {إنه من يتقي ويصبر} بإثبات الياء وحجته أن من العرب من يجري المعتل مجرى الصحيح فيقول زيد لم يقضي ويقدر في الياء الحركة فيحذفها منها فتبقى الياء ساكنة للجزم قال الشاعر:
ألم يأتك والأنباء تنمي ** بما لاقت لبون بني زياد

ولم يقل ألم يأتك.
وقال آخر:
هزي إليكم الجذع يجنيك الجنى

وكان ينبغي أن يقول يجنك الجنى لأنه جواب الجزاء ويقوي هذا قراءة حمزة في قوله {فلا تخف دركا ولا تخشى} ولم يقل تخش قال الفراء تخشى في موضع جزم لأن من العرب من يفعل ذلك قال وإن شئت استأنفت ولا تخشى.
وقال نحويو البصرة: يجوز أن يجعل من يتقي بمنزلة الذي يتقي كما تقول الذي يأتيني وتحمل المعطوف على المعنى لأن من إذا كانت بمنزلة الذي فكأنما هو بمنزلة الجزاء الجازم بدلالة أن كل واحد يصلح دخول الفاء في جوابه فتقول الذي يأتيني فله درهم كما تقول من يأتني فله درهم.
وقرأ الباقون {إنه من يتق} بغير ياء مجزوما بالشرط.
{وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا أفلا تعقلون 109}.
قرأ حفص عن عاصم {نوحي إليهم} بالنون وكسر الحاء الله يخبر عن نفسه لأنه قال وما أرسلنا من قبلك فكذلك نوحي وحجته قوله {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح} وقرأ الباقون {يوحى} بالياء وفتح الحاء على ما لم يسم فاعله وحجتهم قوله {وأوحي إلى نوح} وقوله {قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن} قرأ نافع وابن عامر وعاصم {أفلا تعقلون} بالتاء على الخطاب وقرأ الباقون بالياء وحجتهم قوله {أفلم يسيروا في الأرض}.
{حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين} 110.
قرأ ابن كثير في رواية البزي {فلما استايسوا منه} {حتى إذا استايس} بغير همز وتقديم الألف والأصل الهمز لأنه من اليأس والعرب تقول يئست وأيست لغتان فمن قال استايس بغير همز فهي على لغة من يقول أيست نقل العين إلى موضع الفاء فصار استعفل استأيس ثم خففت الهمزة فصارت ألفا لسكونها وانفتاح ما قبلها فصارت استايس وهو من الأياس.
وقرأ الباقون {حتى إذا استيأس} بالهمز من اليأس على لغة من يقول يئست فالياء فاء الفعل والهمز عينه والعرب تقول يئس واستيأس وعجب واستعجب وسخر واستسخر وفي التنزيل: {وإذا رأوا آية يستسخرون}.
قرأ أهل الكوفة {وظنوا أنهم قد كذبوا} بالتخفيف من قولك كذبتك الحديث أي لم أصدقك وفي التنزيل: {وقعد الذين كذبوا الله ورسوله} وفيها وجهان من التفسير أحدهما حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم وظن قومهم أن الرسل قد كذبوا بمعنى أخلفوا ما وعدوه ن النصر جاء الرسل نصرنا فجعل الضمير في قوله ظنوا للقوم وجعل الظن موافقا لفظه معناه فإن قيل كيف يجوز أن يحمل الضمير في ظنوا على القوم والذي تقدم ذكره الرسل قيل إن ذلك لا يمتنع لأن ذكر الرسل يدل على المرسل إليهم فلهذا جاز أن يحمل الضمير على المرسل إليهم والوجه الآخر {حتى إذا استيأس الرسل} من إيمان قومهم وظن قومهم أن الرسل قد كذبتهم فيما أخبروهم به من أنهم إن لم يؤمنوا بهم نزل بهم العذاب ثم رد إلى ما لم يسم فاعله فقيل إنهم كناية عن القوم.
قرأ أهل الحجاز والبصرة والشام {كذبوا} بالتشديد وفي التنزيل: {ولقد كذبت رسل} وقوله {فكذبوا رسلي} وجعلوا الضمير في ظنوا للرسل والظن بمعنى اليقين وحجتهم في ذلك أن ذكر الرسل قد تقدم ولم يتقدم ذكر المرسل إليهم فيجعل الضمير لهم وإذا كان ذلك كذلك فالأولى أن يجعل الضمير للرسل فيكون الفعلان للرسل ويصير كلاما واحدا ومعنى الآية حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم وظنوا أي أيقنوا أن قومهم قد كذبوهم جاءهم نصرنا أي جاء الرسل نصرنا وقال قوم ليس الظن بمعنى اليقين بل لفظه معناه قالوا ومعنى الآية حتى إذا استيأس الرسل ممن كذبهم من قومهم أن يصدقوهم وظنت الرسل بأن من قد آمن بهم من قومهم قد كذبوهم جاءهم نصر الله عند ذلك قالت عائشة رضي الله عنها لم يزل البلاء بالرسل حتى خافوا أن يكون من معهم من المؤمنين قد كذبوهم.
قرأ عاصم وابن عامر {فنجي من نشاء} بنون واحدة وتشديد الجيم وفتح الياء على ما لم يسم فاعله وحجتهما أن القصة ماضية فأتيا ب نجي على لفظ الماضي ويقوي هذا أنه قد عطف عليه فعل لم يسم فاعله وهو قوله ولا يرد بأسنا ولو كان ننجي مسندا إلى الفاعل كقول من خالفه لكان لا نرد ليكون مثل المعطوف عليه.
وقرأ الباقون {فننجي من نشاء} بنونين وحجتهم قوله {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا} وقوله {فننجي من نشاء} حكاية حال الأمر من القصة فيما مضى كما أن قوله {هذا من شيعته وهذا من عدوه} إشارة إلى الحاضر والقصة ماضية لأنه حكى الحال. اهـ.

.أسئلة وأجوبة في السورة الكريمة:

.قال الخطيب الإسكافي:

سورة يوسف عليه السلام:

.الآية الأولى منها:

قوله تعالى: {ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين} يوسف: 22.
وقال في سورة القصص 14 في ذكر موسى عليه السلام: {ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين}.
للسائل أن يسأل عن الفائدة في تخصيصي موسى عليه السلام بذكر الاستواء، واخلاء يوسف عليه السلام من ذلك، وهل كان يصلح أحدهما مكان الآخر، أم قصد الحكمة يمنع منه؟
والجواب أن يقال: إن بلوغ الأشد مختلف فيه: قيل: هو أن يبلغ ثلاثا وثلاثين سنة، وقيل: خمسا وعشرين سنة، وقيل: عشرين سنة وإحدى عشرين، لأنه يقال: إن الصبي يثغر لسبع سنين، ويبلغ لسبع بعدها، ويتناهى طوله لسبع بعدها، وحجه من قال ذلك: أنه قال: {آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين} فإيتاء الحكم والعلم مجازاة على إحسان كان منه، وذلك بعد بلوغ، وقيل: إن بلوغ الأشد هو أن يحتلم والأشد جمع شد، وهو قوى من العقل، تحتمل التكليف، ويجوز أن يكون البلوغ سمي الأشد، لأن الغلام أبلغ شدت أعماله وكتبت حسناته وسيآته بعد أن كانت محلولة عنه غير مشدودة عليه وقد يأتي قبل البلوغ بحسنات يجازيه الله تعالى عليها.
وقيل في قوله: بلغ أشده واستوى أي أدرك واستوت لحيته. وقيل: الاستواء أن يبلغ أربعين سنة، وهو معنى بين في الآية الأخرى: {حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة} الأحقاف: 15.
وال\ي يفرق بين المكانين حتى لم ينتظر بيوسف عليه السلام الاستواء بعد بلوغ الأشد هو أن يوسف عليه السلام أخبر الله تعالى أنه أوحى إليه لما طرحه إخوته في الجب حيث قال: {وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون} يوسف: 15 وأراه عز وجل الرؤيا التي قصها على أبيه، موسى عليه السلام لم يفعل به شيء من ذلك إلى أن بلغ الأشد واستوى، لأنه لم يعلم ما أريد به إلا بعد أن استأجره شعيب عليه السلام، ومضت سنو 'إجازته وسار بأهله، فهناك آتاه ما آتاه من كرامة الله تعالى وقيل: إنه بعد الأربعين، فلم ينتظر بيوسف في إيتاء الحكم والعلم والتشريف بالوحي ما انتظر به موسى، والحكم هو الفصل بين المتحاكمين المبنى على العلم، لأنه يكون بحسب ما يدعو إليه وقيل: معنى استوى: كمل جسمه وتم طوله وعرضه وخرج عن جملة الأحداث.